الدولة المصرية تحسمها... لن نسمح أبداً أن يتم المساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين
السبت، 16 أغسطس 2025 10:28 م
الرئيس السيسي: مُخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي.. وسنتخذ كافة التدابير للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية
"من يعتقد أن مصر ستغضّ الطرف عن حقوقها المائية فهو مخطئ".. رسالة مهمة بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليس فقط إلى الشعب المصرى، بل إلى كل دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا، حيث جدد الرئيس السيسى، رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، وقال: "سنظل متابعين وسنتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية"، مشيراً إلى أن ملف المياه يمثل جزءا من حملة الضغوط على مصر لتحقيق أهداف أخرى ونحن مدركون لهذا الأمر، وأن مصر دائماً تقف ضد التدخل في شؤون الآخرين أو الهدم والتدمير أو التآمر على أحد وتسعى للبناء والتعمير والتنمية، ونحن الأفارقة كفانا ماعانيناه من اقتتال.
والثلاثاء الماضى، استقبل الرئيس السيسى، نظيره الأوغندي يويري موسيفيني بقصر الاتحادية، وقال: "تبادلت وأخي الرئيس موسيفيني الرؤى حول نهر النيل، شريان الحياة لبلدينا، وتوافقنا على أن التعامل الأمثل بين دول حوض النيل يتعين أن يتأسس على ضرورة تعزيز العمل لتحقيق المنفعة المشتركة، والعمل المشترك للحفاظ على هذا المورد الحيوي وتنميته، والتعاون بصيغة مراعاة مصالح الجميع، وعدم إيقاع الضرر وفقاً لقواعد القانون الدولي، وكما ذكر الرئيس موسيفيني بحكمته البالغة "بدون الحفاظ على بيئة حوض النيل، لن نجد شيئاً نتقاسمه، ومن هذا المنطلق، أكدت للرئيس "موسيفيني" دعمنا الكامل لجهود التنمية في أوغندا، وبقية الأشقاء في دول حوض النيل الجنوبي، واستعدادنا للمساهمة في تمويل مشروع سد "أنجلولو" بين أوغندا وكينيا، وذلك من خلال الآلية التي أطلقتها مصر للاستثمار في مشروعات البنية التحتية في حوض النيل بتمويل مبدئي قدره 100 مليون دولار".
وأشار الرئيس السيسى إلى التوقيع على مذكرة تفاهم جديدة في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية للبناء على التعاون الممتد لأكثر من عشرين عاماً بين البلدين، حفاظاً على بيئة نهر النيل وتنميةً لموارده، بقيمة إجمالية تبلغ 6 ملايين دولار على خمس سنوات، تأكيداً على التزامنا الراسخ بدعم التنمية في أوغندا وبقية دول حوض النيل الشقيقة.
ولفت الرئيس السيسي إلى أن "موضوع المياه مهم جداً وأن التنمية أيضاً مهمة، ونحن موقفنا كان واضحاً منذ البداية، وأننا لا نرفض أبداً تنمية شركائنا وأشقائنا في دول حوض النيل، وليس لدينا مشكلة في ذلك، وأنه يجب ألا يكون لهذه التنمية تأثير على حجم أو حصة المياه التي تصل إلى مصر"، موضحاً أنه ناقش مع موسيفيني وجهة نظره بهذا الشأن "حيث تساءل الرئيس الأوغندي عما إذا كنا جميعاً معاً.. فذكرتُ أننا جميعاً معاً بالطبع، وأنه لا يوجد خلاف على ذلك، وذكر الرئيس موسيفيني أن حجم المياه الذي يسقط على الحوض سواء كان النيل الأزرق أو النيل الأبيض، بالأسس العلمية يصل إلى 1600 مليار متر مكعب من المياه سنوياً.. وأنه يتم تقسيم هذه المياه ى جزء إلى الغابات والمستنقعات، وجزء يُستخدم في الزراعة، وجزء يتبخر، وجزء إلى المياه الجوفية، والجزء اليسير هو الذي يصل إلى النيل الأبيض والأزرق، وهو تقريباً 85 مليار متر مكعب من المياه الذي نتحدث عنهم، بما يمثل نحو 4% من الـ1600 مليار متر مكعب".
وتابع الرئيس السيسي: وحينما نطلب أن هذا الحجم من المياه يصل إلى مصر والسودان من أجل العيش بهم، حيث أن ليس لدينا مصدر آخر بخلافهم، هل يعني ذلك رفض التنمية في دول الحوض أو رفض الاستفادة من المياه المتاحة لديهم سواء كان في الزراعة أو في انتاج الكهرباء؟ لا بالطبع.. وأؤكد ذلك هنا.. أمام الرئيس الأوغندي وأمامكم.. وأقول للمصريين أن موقفنا منذ البداية أننا لسنا ضد التنمية، ولم نتحدث حتى عن الاقتسام العادل للمياه، حيث أن ذلك سيعني التحدث عن الـ 1600 مليار متر مكعب من المياه.. وإنما نتحدث عن المتبقي وهو لا يزيد عن 4% أو5%.. وذلك أمر مهم جداً.. فنحن لا نردد نحن وهم.. بل نحن جميعاً.. فلا أقول مصر والسودان فقط وهم.. وإنما أقول أننا جميعاً معاً.. نعيش جميعاً، وننمو جميعاً، ونتعاون جميعاً من أجل ازدهار واستقرار بلادنا. ومن أجل ذلك، أؤكد مرة أخرى فيما يتصل بموضوع المياه بالنسبة لمصر أن ليس هناك سبيلاً آخراً لنا.. وقد ذكر لي الرئيس موسيفيني أن مصر تعني (الحديقة) في أوغندا.. وهذه الحديقة لا يوجد لها مصدر آخر من المياه سوى النيل، فلا يوجد أمطار.. وبالتالي فلا أحد يمكن له التصور أن مصر ستتخلى عنها، فالتخلي عن أي جزء منها يعني التخلي عن حياتنا.. وذلك أمر لن يحدث".
وأضاف السيسي: نعول كثيراً على اللجنة السباعية بقيادة أوغندا لأن تصل بنا إلى توافق لاستفادة الجميع والتعاون لدول الحوض، وهناك دولاً كثيرة لديها موضوعات مماثلة وقد وصلت إلى تفاهمات واتفاقيات للكل، ونحن نريد أن نصل إلى هذا الأمر"، موضحاً "أن من تتساقط لديه الأمطار لا يشعر أبداً بإحساس من ليس لديه أمطار، فمصر لا تشهد أمطاراً، والشعب المصري لديه حذر شديد وقلق شديد من موضوع المياه، وأقول للمصريين أنني أقدر ذلك الأمر، وأنني مسئول مع أشقائي والحكماء مثل الرئيس موسيفيني على إيجاد حل لا يؤثر أبداً على حياة المصريين".
وأكد الرئيس السيسي أن مصر تقابل ضغوطاً كثيرة في هذا الموضوع، وقد تكون المياه جزءاً من حملة هذه الضغوط لتحقيق أهداف أخرى، و"نحن مدركون لذلك، وأؤكد مرة أخرى أننا دائماً ضد التدخل في شئون الآخرين، وضد التآمر على الآخرين، وضد الهدم والتدمير. فنحن مع البناء، والتعاون، والتنمية، حيث أن بلداننا في إفريقيا قد كفاها سنوات طويلة من الاقتتال والصراع".
وقال الرئيس السيسي: "أطمئن المصريين مرة أخرى.. فلن نسمح أبداً أن يتم المساس بالمياه التي يعيش عليها 105 ملايين، و10 ملايين تقريباً من الضيوف.. فلا نُسميهم باللاجئين.. وهنا أؤكد وأكرر أن وعي المصريين وصلابتهم تعد الركيزة الأساسية التي أعول عليها في مجابهة أي تحد أو أي تهديد محتمل".
وأشار الرئيس السيسى إلى أن العلاقات الثنائية المصرية الأوغندية شهدت تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، بما يعكس العلاقات والمصالح الوثيقة التي تربط بلدينا، لافتاً على التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون الفني؛ في مجال إدارة الموارد المائية، وفي مجال التعاون الزراعي والغذائي، وفي مجال الاستثمار، وفي مجال الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، وفي مجال التعاون الدبلوماسي لدعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي.
وقال الرئيس السيسي، إنه تم الاتفاق على الإسراع في إجراءات تشكيل مجلس أعمال مشترك، وتشجيع الزيارات بين مجتمع الأعمال، بما يُسهم في تحقيق المصالح المتبادلة، وكذلك تم الاتفاق على على مواصلة التعاون القائم في المجال الأمنى، لا سيّما ما يشهده من تطورات مهمة انطلاقاً من الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لمصر، والاتفاق على عقد لجنة التعاون العسكري سنويًا.
وشهدت زيارة موسيفينى للقاهرة، عقد منتدى رجال الأعمال المصري الأوغندي، وأكد خلاله الرئيس السيسى، "إن مصر ترى في أوغندا شريكاً أساسياً في منطقة حوض النيل الجنوبي، ونسعى لأن تكون أوغندا من أكبر المستفيدين من الآليات المصرية المخصصة لدعم التنمية في دول حوض النيل. كما نتطلع إلى الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري، الذي بلغ نحو 133 مليون دولار في عام 2024، ونتطلع إلى مضاعفته بما يعكس إمكاناتنا المشتركة".
وتعد العلاقات الاقتصادية بين مصر وأوغندا نموذجا متطورا للعلاقات الإفريقية القوية القائمة على التعاون المتبادل والمصالح المشتركة التي تخدم البلدين لتمتد فوائدها للقارة السمراء، فقد نجح البلدان خلال السنوات الأخيرة في تعزيز الشراكة الاقتصادية عبر مشروعات تنموية استراتيجية، وتبادل تجاري متنام، وتكامل في مجالات حيوية كالمياه، والطاقة، والزراعة.
ويأتي هذا التعاون في إطار توجه مصري واضح نحو دعم دول حوض النيل، وترسيخ دورها في تنمية القارة، مقابل حرص أوغندي على الاستفادة من الخبرات المصرية وتوسيع آفاق الشراكة، حيث تتسم العلاقات الأوغندية المصرية بقوة ومتانة تعكسهما وجهات النظر المشتركة بين البلدين بشأن العديد من القضايا الدولية، فضلا عن التعاون والتنسيق في القضايا الإقليمية وعلى رأسها قضية المياه والأزمات الإقليمية، وكشفت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وصول قيمة التبادل التجاري بين مصر وأوغندا إلى 139.1 مليون دولار خلال عام 2024، مقابل 150.4 مليـون دولار خلال عام 2023، حيث بلغت قيمــة الصــادرات المصــرية لأوغندا 112.8 مليـــون دولار خــلال عام 2024 مقابل 116.7 مليون دولار خلال عام 2023 بينما بلغت حجم الواردات المصرية من أوغندا 26.3 مليون دولار خلال عام 2024 مقابل 33.7 مليون دولار خلال عام 2023 .